يا أخى هل تدْرى ما جزانا الله من الإحسانِ
أحسنَ خلقَنا وصوّرنا فكنّا فى عزةٍ عن الحيوانِ
وأرشدَ عقولَنا كذا قلوبَنا وأعزّنا موقفَ الحيرانِ
وبَسَط أيادينا لنصرةِ المظلومِ ضد الطغيانِ
ووهبَنا البصرَ فكان أسمى للبصيرِ وأجلَ بيانِ
وألهمنا البصيرةَ جاريةً بداخلِنا ما ترى لها من شطآنِ
ثمّ الحياةُ ألهبتْ صدورَنا وأطفأها هادمُ لذاتِ الإنسانِ
فكيف لمن هانت نفسه ورَضت بالذلِ والهوانِ
وأتت المنايا مُطْبقةً بفكِّها فلا مجالَ للشجعانِ
وأحاطَ به أهلُه وحضروا حشرجةَ الصدورِ بالهذيانِ
وسال الدمعُ منهمراً ولكن لا يسدُّ عن ألمِ الفقدانِ
وسَمْعْتَ نحِيبَ أُمِّ في الدُّجى تَبْكي شَباباً ضاعَ في الرَّيْعانِِ
وتُكَتِّمُ الحَسراتِ في أَعْماقِها أَلَمَاً تُوارِيهِ عَنِ الجِيرانِ
وهى للبصيرِ آيةٌ..أما تغسل قلوباً للعودِ للرحمنِ
ثمّ حاك الصدورَ النسيانُ وحُبِسَ بداخلِه همُ الأحزانِ
فما من مُعتبرٍ فاعتبر وأعدّ عُدّةً ليومِ شيبةِ الولدانِ
كذا كلُ بَليةٍ ما أتت إلا بخير لصاحبِها و للغفلانِ
فعسى أن يكون منها نفحاتٍ فيغتنمَها فى كل آنِ
وإنْ ضيّعها ضيّع عُمُراً فما هو إلا أيامٌ من الحيوانِ
وربَّ عِلةٍ رفعتْ شأنَ عليلِها وتلألأتْ صفحاتُه بالغفرانِ
وكذا أنجبتْ وجوهاً مسفرةً ضاحكةً من ثِقلِ الميزانِ
وسحقاً لمن كفّن الظلامُ وجهَه وعلمَ أنّهُ دونَ الخسرانِ
فاصبر وصابر ورابط وألتمس مِنْ كلمِ اللهِ فى القرآنِ :
الصبرُ خلقُ المبْتَلِينَ والرضا سبيلُ مَنْ بَغَى إحسانى
والجزعُ شيمةُ الغافِلِينَ والسخطُ ضياعٌ عاقبتُه نيرانى
فللّه عِبرٌ فى خلْقِه فتلمّسوها ،يطمئنُ فؤادُ الثكلانِ
ملحوظة: البيت الثانى عشر والثالث عشر من قصيدة "رسالة فى ليلة التنفيذ" للشاعر هاشم الرفاعى
0 التعليقات:
إرسال تعليق